الإسراء والمعراج
لقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لأشد أنواع الأذى والسخرية فقد اتهموه بالسحر والشعر والكهانة وقد حاول عقبة بن أبي معيط خنق النبي صلى الله عليه وسلم بردائه وكانت زوجة أبي لهب ترمي القذارة في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ورغم هذا صبر النبي الكريم ... وذهب إلى الطائف لكي يدعوهم إلى الإسلام لكن أهل الطائف جعلوا سفهائهم وأطفالهم يرمونه بالحجارة حتى أدموه وخرج الدم الطاهر من جسده فأراد الله عز وجل أن يخفف عنه . فجاءه جبريل في بيت أم هانيء وكان نائما فأيقظه وحمله على دابة يطلق عليها البراق فأسرى بها الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهناك صلى بالأنبياء إماما ثم خرج فوجد جبريل يقدم إليه إناءين أحدهما لبن والآخر به خمر فاختار عليه الصلاة والسلام اللبن فقال جبريل لقد أصبت الفطرة يا محمد . ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبريل ، ففتح له ، فرأى هنالك آدم أبا البشر فسلم عليه ، فرحب به ، ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته ، وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه ، وأرواح الأشقياء عن يساره .
ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فاستفتح له ، فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم ، فلقيهما وسلم عليهما ، فردا عليه ، ورحبا به ، وأقرا بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فرأى فيها يوسف ، فسلم عليه ، فرد عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فرأى فيها إدريس ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فرأى فيها هارون بن عمران ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فلقي فيها موسى بن عمران ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته .
فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لأن غلاما بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي .
ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته .
ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور .
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله ، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، فرض عليه خمسين صلاة ، فرجع حتى مر على موسى ، فقال له : بم أمرك ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك ، فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار ، أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبريل حتى أتى إلى الجبار تبارك وتعالى ، هو في مكانه – هذا لفظ البخاري في بعض الطرق – فوضع عنه عشرا ، ثم أنزل حتى مر موسى ، فأخبره ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل ، حتى جعلها خمسا ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحيت من ربي ، لكني أرضى وأسلم ، فلما بعد نادى مناد : قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي .
وقد رأى ضمن هذه الرحلة أمورا عديدة :
عرض عليه اللبن والخمر ، فاختار اللبن ، فقيل : هديت الفطرة أو أصبت الفطر ، إما أنك لو أخذت الخمر غوت أمتك .
ورأى أربعة أنهار في الجنة : نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، والظاهران هما : النيل والفرات ، ومعنى ذلك إن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات ، وسيكون أهلها حملة الإسلام جيلا بعد جيل ، وليس معناه إن مياه النهرين تنبع من الجنة .
ورأى مالك خازن النار ، وهو لا يضحك ، وليس على وجهه بشر وبشاشة ، وكذلك رأى الجنة والنار . ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما لهم مشافر كمشافر الإبل ، يقذفون في أفواههم قطعا من نار كالأفهار ، فتخرج من أدبارهم . ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة ، لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم ، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم .
ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن . يأكلون من الغث المنتن . ويتركون الطيب السمين .
ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم . رآهن معلقات بثديهن .
ورأى عيرا من أهل مكة في الإياب والذهاب . وقد دلهم على بعير ند لهم وشرب ماءهم وهم نائمون . ثم ترك الإناء مغطى . وقد صار ذلك دليلا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء .
الدروس المستفادة من حادثة الإسراء والمعراج :
** وإن ما نستفيده من حادث الإسراء والمعراج قدرة الله عز وجل وتصديق النبي الكريم .
وأهمية الصلاة لأنها العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء .
** كما نستفيد أهمية بيت المقدس حيث إن كان بإمكانه أن يعرج به من المسجد الحرام لكن عرج به من المسجد الأقصى ليبين الله عز وجل للناس أهمية بيت المقدس عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وعند المسلمين . وعلى المسلمين أن يحافظوا على هذه الأرض المقدسة وحمايتها من مطامع الأعداء الدخلاء وأعداء الدين وأن لا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود على هذه الأرض المقدسة وأن يطهروها من رجسهم ويعيدوها إلى أصحابها .
اللهم حرر بيت المقدس من أيدي اليهود الغاصبين ... وارزقنا صلاة فيه إنك على كل شيء قدير